عدا عن موجة الحر العالية التي اجتاحت بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، فإن مياه البحر نفسها كافية لجعل سواحل اليونان وايطاليا تغط بـ«العرق»، حسب تقدير خبراء البيئة الايطاليين.
وصرح خبراء المعهد الايطالي للأبحاث البحرية لصحيفة «دي فيلت» الألمانية بأنهم قاسوا درجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط في عدة مواضع، وسجلوا درجة 28 مئوية. وحسب تقدير الباحث فرانكو ادالورو فإن هذه الحرارة تزيد بأربع درجات عن معدل حرارة ماء البحر المتوسط خلال العقود القليلة الماضية. وعن أسباب ظاهرة تسخين مياه البحر المتوسط عبر ادالورو عن اعتقاده بتأثر مياه البحر بالتقلبات المناخية في المنطقة وبالنفايات المختلفة التي تتسرب إلى هذا البحر «المخنوق».
قد أضر تسرب مختلف المواد الضارة إلى مياه البحر، وخصوصا مواد حفظ السفن والبقع الزيتية الناجمة عن تسرب النفط من ناقلات النفط ومواد تنظيف سطوح السفن، بكامل البيئة البحرية. وأدت هذه التغيرات كمثل، إلى تغيير مستعمرات الأشنات والطحالب ونموها بشكل متسع ساحبة جزيئات الأوكسجين من الماء. كما تتفاعل المواد العضوية المتسربة إلى الماء مع المكونات العضوية الطبيعية في البحر. وفي حين أدت موجات الحر في المنطقة إلى تسخين ماء البحر المتوسط قليلا فإن هذا التغير قلل من دور البحر نفسه في تلطيف حرارة جو المنطقة.
وطبيعي فإن ارتفاع حرارة ماء البحر المتوسط قد اجتذب العديد من أنواع الأسماك الاستوائية التي وجدت فيه وطنا جديدا. إلا أن لكل عملة وجهها الثاني حسب تعبير الباحث الايطالي. إذ صار العلماء يفتقدون للأسماك المعتادة التي تقطن مياه البحر الأبيض المتوسط. ويبدو أنها قد هاجرت بحثا عن مياه اكثر برودة. وعموما فقد تراجع عدد أنواع الأسماك البحرية في المتوسط إلى 500 نوع فقط ولكن اضيف له 300 نوع من الاسماك الاستوائية المهاجرة. وحسب معطيات ادالورو فإن ظاهرة «التحول الاستوائي» في البحر الأبيض المتوسط ليست جديدة. وسبق للخبراء أن انتشلوا أول سمكة استوائية من مياهه عام .1950 وتلعب هنا القنوات الصناعية التي يبنيها الإنسان دورا في التغييرات المناخية على البحار وخصوصا قناة السويس المشقوقة بين البحرين المتوسط والأحمر. وذكر الباحث الايطالي أن انتشار هواية تربية الأسماك لعبت بدروها دورا في عيش الأسماك الاستوائية في البحر المتوسط. فهي اسماك يشتريها الهواة لتعيش في البيوت، ثم يرمونها في البحر حينما يضجرون منها.