عدد الرسائل : 93 العمر : 43 الموقع : https://hudhud.forumactif.org تاريخ التسجيل : 20/10/2008
موضوع: عادل إمام.. أسد الشاشة الخميس ديسمبر 04, 2008 12:44 pm
مشهد من فيلم الإرهاب والكباب
تركت تجاعيد الزمن على وجه الزعيم عادل إمام آثارها، وكست الخبرة والتجربة التي تزيد عن الأربعين عاما ظلالا كثيفة من التألق عبر طريق النجومية الممتد على شريط قطاره السينمائي والذي يبلغ مداه 117 فيلما أو محطة سينمائية ومن خلال 30 عاما متواصلة على خشبة المسرح، فلا نجد فناناً عالميا مهما علا شأنه وارتفع قدره يستطيع ان يلحق بالرقم الذي يجب ان يسجل في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية لأنه طوال هذه السنوات لم يغب عاما واحدا عن المسرح، بل كان موجودا رغم قلة عروضه، وذلك نظرا لامتداد العرض المسرحي الواحد إلى 7 سنوات على الأقل، وهذا أيضا لم يحققه فنان آخر غيره.. غير ان الزعيم عادل إمام المولود في 17 ماي 1940، بحي الحلمية الشهير الذي شهد سيمفونية تلفزيونية رسمها المبدع أسامة أنور عكاشة في خمسة أجزاء درامية للتلفزيون المصري كانت تمتد جذوره إلى ريف المنصورة، وتحديدا قرية «شها» وكان جده لأبيه بقال القرية يجتمع عنده الظرفاء كل ليلة ليضحكهم وكأن الضحك وراثة في هذه العائلة. وعند رسم صورة صادقة عن قرب للزعيم عادل إمام الذي تخرج من كلية الزراعة جامعة القاهرة عام 1962، وقدم حتى اليوم 117 فيلما سينمائيا، و10 مسرحيات، و6 مسلسلات إذاعية، و3 مسلسلات تلفزيونية.. صنع بها لنفسه تيارا خاصا من الكوميديا والتراجيديا وألقى الضوء على قضايا شائكة في المجتمع مثل قضية الإرهاب عندما أطلت برأسها على المجتمع المصري في حقبة التسعينات الحزينة، وكان عادل إمام أول من قدم أعمالا فنية تناقش هذه الظاهرة مثل فيلمي «الإرهابي» و«الإرهاب والكباب». وعادل إمام الإنسان مر بتجارب حب في مقتبل حياته، مثله مثل أي شاب في سنه، ولكنه كان عقلانيا للغاية حينما أراد الاستقرار وقرر الزواج من السيدة هالة الشلقاني، وأنجب منها ثلاثة أبناء، رامي الذي صار مخرجا سينمائيا الآن، ومحمد الذي أصبح ممثلا، أما ابنته سارة فقد تخرجت من الجامعة الأميركية وتزوجت أخيرا من ابن أحد المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين.
وعادل إمام هو الفنان الوحيد الذي استطاع ان يحقق نجومية سينمائية كاسحة على مدى 30 عاما، كما انه حقق نجاحات كبيرة عندما قدم مسلسلات تلفزيونية على غرار «أحلام الفتى الطائر»، و« دموع في عيون وقحة». وكان عادل إمام صاحب حظ كبير على خشبة المسرح، وقد حققت تجاربه نجاحا منقطع النظير. كما ان الإيرادات التي حققها مسرح عادل إمام لم تتحقق حتى الآن في المسرح المصري وهو أيضا الذي حقق عالمية المسرح المصري عندما كانت تجوب مسرحياته دولا عربية وأجنبية عديدة مثل مسرحيات «شاهد ماشفش حاجة» و«الواد سيد الشغال» و«الزعيم» و« بودي جارد» وغيرها.. ومن هنا نحسب عادل إمام نجما شاملا غير محسوب على المسرح فقط مثل محمد صبحي، ولا هو محسوب على السينما فقط مثل الراحل احمد زكي.. عادل إمام هو خليط من النجاح في آن واحد عبر مجالات ودروب الفن المتعددة.
وعادل إمام تم اختياره في بداية الألفية الثالثة ليكون سفيرا لشؤون اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط، ولعب دورا فاعلا في مناحي الحياة المتعددة ما بين جولاته المكوكية لمعظم الدول العربية والإسلامية، فقد زار العراق والكويت وقطر واليمن وسورية والجزائر والأردن، وقام بالعديد من المحاولات مع الأمم المتحدة لتوفير ملاذ آمن للعراقيين النازحين والفارين من أتون الحرب، وطلب من جميع دول الجوار ان تفتح حدودها لهذا الغرض وتوفير الإمكانيات اللازمة لمشكلة اللاجئين.
وعادل إمام ذو الوجه السياسي لم يكن يوما عميلا للسلطة أو بوقا لها، ولكنه يحب زعماء مصر ويقدر دور كل منهم. ويرى ان الفنان يجب الا ينتمي لحزب سياسي، مشيرا إلى انه كان ينتمي لحزب يساري في بدايته عن طريق الخطأ. كما انه يرى انه عضو في حزب الناس الغلابة، ويؤكد ان الرقابة لم تجامله يوما ولم تعطه الضوء الأخضر للمرور بأعماله ذات النقد السياسي اللاذع، ويؤكد انه كان أكثر فناني جيله اصطداما بالرقابة وقراراتها ومع ذلك يراها ضرورية لحماية الذائقة الفنية للشعب.
بدأ عادل إمام حياته الفنية في دور بائع العسلية في مسرحية «ثورة قرية» في بداية الستينات في مسرح التلفزيون، وهي الخطوة الأولى له مسرحيا، وكان يردد جملة واحدة «معايا العسلية». وعاش سنوات من الصعلكة في شوارع القاهرة.. وعندما كان يعيش في حي العمرانية ويعمل في مسرح التلفزيون، كان لا يجد ثمن تذكرة الأتوبيس لكي يعود مستقلا أتوبيسا إلى بيته، ولذا تعود على السير على الأقدام كثيرا. وهذا الفقير أصبح الآن من سكان قصور المنصورية عندما شيد لنفسه قصرا من «شقا عمره».
جنون عادل إمام بـ« كرة القدم» جعله حريفا بالمعنى الكروي.. وحبه لها جعله ممارسا لهذه اللعبة المجنونة.. كان يمارسها صبيا وشابا ويافعا ما بين حواري الحلمية وأزقتها، كان ملعبه المفضل ما بين الخليفة والقلعة.. ولو أراد القدر ان يغير مسيرة عادل إمام من الفن إلى أي مجال آخر، لكان هذا المجال هو كرة القدم، ولو أعطاها كل وقته لكان لاعبا محترفا ودوليا، ولكن عشقه الآن يتوقف على مشاهدة مبارياتها، خاصة عندما يكون المنتخب المصري طرفا فيها.
الوجه الإنساني لعادل إمام يشكل جانبا هاما في حياته بيد ان الكثيرين لا يعرفون هذا الوجه جيدا، ولكن مما يعرف من تفاصيل قصص وحكايات عادل الإنسان الكثير، منها عندما أصيب احمد راتب في انفه عن طريق ضربة يد في احد مشاهد أفلامه، أوقف عادل التصوير وأسرع به إلى أفضل مستشفى وأجرى له العملية الجراحية اللازمة دون ان يحمل راتب مليما وهذه الواقعة بشهادة راتب نفسه. كذلك عندما احتبس صوت الفنانة يسرا التي قاسمته بطولة 14 فيلما في مشوارهما الفني معا وكان ذلك في فيلم «رسالة إلى الوالي»، فما كان من عادل إمام إلا ان أوقف التصوير وقام بالحجز لها لدى أفضل طبيب فرنسي وقرر ان تسافر يسرا للعلاج فورا ولمدة 20 يوما. أما الواقعة الثالثة، التي يعرفها البعض جيدا، فهي انه تنازل للمنتج الفنان السيناريست وحيد حامد عن جزء من أجره الذي كان اتفق عليه ولم يطالبه بآخر قسط من أجره لسبب ما رفض الإفصاح عنه ولكن اعترف به وحيد حامد نفسه، وذلك من اجل ان يساعد حامد على الإنتاج بشكل جيد في احد أفلامه.. وغيرها الكثير من المواقف التي لا يعرفها احد.
ويذكر عادل إمام انه لم يتعاون مع يوسف شاهين، ولكن كان هناك تعاون أوشك على الإتمام عندما كان يوسف يكتب سيناريو فيلم «حدوتة مصرية»، ولكنه اختلف مع شاهين فلم يتم التعاون بينهما، وعادل إمام الذي عمل مع كل نجمات السينما المصرية لم يعمل مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ويبدو ان الحظ لم يكن ملائما لأن يجمع بينهما في عمل فني واحد، لكنه عمل مع السندريللا سعاد حسني في «حب في الزنزانة» إخراج محمد فاضل، و«المشبوه» إخراج سمير سيف. ولتوضيح صورة عادل إمام مع نجمات السينما الأخريات نجد انه قدم مع نادية لطفي فيلم «كيف تسرق مليونيرا» ومع نجلاء فتحي فيلم «المراية» ومع هند رستم وماجدة في «جنس ناعم» ومع زبيدة ثروت في «كيف تتخلص من زوجتك» ومع شمس البارودي في «اثنين على الطريق» ومع نبيلة عبيد في «حرامي الحب» وقدم عادل إمام عشرات الأفلام الهامة التي صنعت تيارا سينمائيا مغايرا حتى انه استطاع ان يغير جلده أكثر من مرة ليتواصل مع جمهوره، وان دل ذلك فهو يدل على ذكاء الفنان وحنكته، ومن أهم تلك الأفلام «طيور الظلام» و«النوم في العسل» و« اللعب مع الكبار» و« الإرهابي» و«الإرهاب والكباب» و«شمس الزناتي» و« كراكون في الشارع» و«جزيرة الشيطان» و«المنسي» و«أمير الظلام» و«التجربة الدنمركية». وفي معظم هذه الافلام يسعى عادل إمام للاقتراب من هموم وأحلام المواطن المصري وإظهار المعاناة اليومية لهذا المواطن من جهة أخرى.
وقد تعرض عادل إمام لحملات نقدية شديدة منذ بدايته الفنية وحتى يومنا هذا ولو كان ضعيفا ما كان ليتحمل مثل تلك الحملات. ولو كان هذا النقد تعرض له فنان آخر غير عادل إمام لكان اعتزل التمثيل قبل ان يبدأ ولكنه تعلم الإرادة والصبر وقوة التحمل وإثبات الذات.
وعادل إمام صديق لعدد من الزعماء والسياسيين، ومنهم الراحل ياسر عرفات.. وقد كرمه الرئيس اليمني والسوري والجزائري بلقاءات خاصة في قصور الرئاسة وقد حصل على جائزة اوسكار التلفزيون العربي الأميركي وعشرات من الجوائز الأخرى، ومن أهمها أحسن ممثل عن دوره في فيلم «الإرهابي» عندما كان الناقد رجاء النقاش رئيسا للجنة تحكيم المهرجان القومي للسينما المصرية. عادل إمام الذي بدأ سينمائيا في عام 1963 من خلال فيلم «الجريمة الضاحكة»، إخراج نجدي حافظ ومثل عشرات الأدوار الثانية قبل ان يصبح البطل المطلق سينمائيا منذ فيلم «المحفظة معايا» عام 1978، وحتى آخر أفلامه الذي يصوره حاليا «عمارة يعقوبيان» الذي قرر فيه عدم الانفراد بالبطولة المطلقة للفيلم والاحتماء في كنف عدد من النجوم الشابة.. انه النجم الذي لم تغب عنه شمس النجومية .. انه عادل إمام مكتشف النجوم والمخرجين والكتاب.. فأي وجه كان يطل من نافذة عادل إمام الفنية كان يركب قطار الشهرة سريعا.. انه جوكر السينما والمسرح المصري بلا منازع!
AL_kasser
عدد الرسائل : 2 العمر : 44 تاريخ التسجيل : 02/06/2009
موضوع: رد: عادل إمام.. أسد الشاشة الثلاثاء يونيو 02, 2009 3:01 am